تخصيص المطارات السعودية- وعود أم تحول هيكلي حقيقي؟

المؤلف: عيسى الحليان08.09.2025
تخصيص المطارات السعودية- وعود أم تحول هيكلي حقيقي؟

صرَّح رئيس مجلس المديرين لشركة الطيران المدني القابضة بأن عمليات خصخصة مطارات المملكة العربية السعودية والخدمات المساندة المصاحبة لها ستتم خلال ثمانية عشر شهراً من الآن. هذه الخطوة تمثل منعطفاً هاماً لتحقيق إصلاحات هيكلية شاملة وعميقة في صميم قطاع الطيران. ومع ذلك، يساورني الشك حول إمكانية تحقيق هذا التحول في الموعد المحدد، نظراً للعديد من الوعود والمواعيد التي أعلنت عنها الهيئة على مر العقود الماضية، والتي بقيت للأسف مجرد وعود لم تتحقق بالكامل، أو لم تتحقق في التواريخ المعلنة، سواء كان ذلك في المشاريع الجديدة، أو في المدد الزمنية المحددة للتنفيذ، أو في عمليات التشغيل، أو في السماح لشركات الطيران الأجنبية بالعمل في البلاد. علاوة على ذلك، فإن تجربتنا في التخصيص بشكل عام تجربة محفوفة بالتحديات وغير ناجحة إلى حد كبير. عمليات التخصيص هي من بين الأكثر تعقيداً في المملكة، وربما يعود ذلك إلى كونها بمثابة مقياس لمدى قدرة نظامنا العام على التطور والتكيف في أي قطاع وفي أي اتجاه. إنه اختبار عملي وحقيقي لقدرتنا على التغيير. فعلى الرغم من أن فكرة التخصيص قد طُرحت بقوة منذ عام 1984م، فإن جميع الدراسات التي أجرتها شركات ومكاتب استشارات وبنوك عالمية مرموقة لم تسفر عن نجاح تخصيص أي قطاع من بين القطاعات الثمانية عشر المستهدفة، باستثناء قطاع واحد فقط وهو قطاع الاتصالات، الذي حقق تخصيصه نجاحاً باهراً وغير مسبوق في جميع النواحي. يثير استغرابي هنا تخصيص الخدمات الأرضية قبل الخدمات الجوية. فالهيئة تتطلع إلى تخصيص المطارات أو إعادة هيكلة برامج إدارتها وتشغيلها، بينما لم ننجح بعد في تخصيص الناقل الوطني منذ ثلاثة عقود، والذي لا يزال مجرد مستودع للوعود والتصريحات والدراسات. ما المانع من أن نخوض التجربة في قطاع آخر؟ الأمر الثالث والأخير هو أن هناك خلطاً لدى الهيئة بين التحول التدريجي نحو التخصيص والتخصيص الفعلي. فالتخصيص بالمعنى المتعارف عليه في التجارب العالمية، وعلى رأسها التجربة البريطانية الرائدة والأضخم عالمياً في هذا المجال بعد الحرب العالمية الثانية، والذي ظهر هذا المصطلح لأول مرة في قاموس «وبستر» عام (1983) ويعني Transfer of ownership، وطُرحت أسهم هذه الشركات في البورصة. وبما أن الدولة لن تتخلى عن ملكية المطارات والخدمات المساندة لها، فإن هذا لا يُعتبر تخصيصاً بالمعنى الكامل، بل هو تحول جزئي نحو التخصيص، خاصة إذا علمنا أن الموظف سيظل هو الموظف نفسه، وأن الفكر الإداري الراسخ سيبقى على حاله، وربما يكون المالك أيضاً هو المالك نفسه. وبالتالي، فهو تخصيص جزئي يقترب من نظام BTO، الذي يعني احتفاظ المالك (الدولة) بالأصل مقابل تشغيله من قبل شركة تجارية متخصصة.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة